{مدخل: وإذا كانت النفوس عظاما تعبت في مرادها الأجسام}
هو عبد الله بن عبد نهم بن عفيف المزني، صحابي، منعه عمه من الذهاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للإيمان به وجرده من ثيابه فاتخذ بجادا من ششر استتر به. وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما اسمك؟" قال: عبد العزى. فقال: "بل عبد الله ذو البجادين"
كان ذو البجادين يتيما في الصغر، فكفله عمه، فنازعته مفسه إلى اتباع الرسول، فهم بالنهوض، فإذا بقية المرض مانعة، فقعد ينتظر العم، فلما تكاملت صحته نفد الصبر فناداه ضمير الوجد:
إلى كم حبسها تشكو المضيقا *** أثرها ربما وجدت طريقا
فقال: يا عم طال انتظاري لإسلامك، وما أرى منك نشاطا.
فقال: والله لئن أسلمت لأنتزعن كل ما أعطيتك.
فصاح لسان الشوق: نظرة من محمد أحب إلي من الدنيا وما فيها.
ولو قيل للمجنون ليلى ووصلها *** تريد أم الدنيا وما فيها
لقال غبارُ من تراب نعالها *** ألذُّ إلى نفسي وأشهى لبلواها
فلما تجرد للسير إلى الرسول جرده عمه من الثياب، فناولته الأم بجادا، فقطعه لسفر الوصل نصفين اتزر بأحدهما وارتدى بالآخر. فلما نادى صائح الجهاد قنع أن يكون في ساقة الأحباب ، والمحب لا يرى طول الطريق لأن المقصود يعينه.
ألا بلغ الله الحمى من يريده *** وبلغ أكناف الحمى من يريدها
فلما قضى نحبه نزل الرسول صلى الله عليه وسلم يمهد له لحده، وجعل يقول: "اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه". فصاح ابن مسعود: يا ليتني كنت صاحب القبر. (رواه البزار).
مخرج: فيا مخنث العزم أقل ما في الرقعة البيذق،فلما نهض تفرزن}
البيذق والفرزن: قطعتان من قطع الشطرنج، الأولى بمنزلة العسكري والثانية بمنزلة الوزير. والمقصود أن المرء إذا جد واجتهد وصل إلى منزلة عظيمة.