أخي الشاب الغافل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذه كلمات من القلب إلى القلب أحببت أن ألقيها على مسامعك علها أن تخالط شغاف قلبك وتحرك مشاعرك وغيرتك وتجدد إيمانك وتغير سلوكك إلى الأفضل ولئن اتبعتها وعملت بها كنت من أسعد الناس بإذن الله.
أخي الشاب كم غفلت وغفلت وغفلت في دنياك وأعرضت عن آخرتك ولهوت بالباطل واجترحت السيئات وأصبحت من أتباع الشيطان وأهل الباطل لا تعرف طريق المسجد ولا تركع لله ركعة ولا تصون حرمة لمسلم ولا تؤدي برا لأهلك ولا ترحم أحدا إنما همك الوحيد قضاء وطرك وتحصيل متعتك وإشباع كبريائك وسيرك في طريق الهوى والشيطان.
تذكر أنك من أهل لا إله إلا الله فاشكر نعمتك على أن جعلك من المسلمين ولم يجعلك من الكافرين واعلم أن هذه الكلمة لن تنفعك في الآخرة إلا بعمل صالح وإخلاص قصد وإيمان صادق وموالاة للمسلمين وبراءة من الكافرين فأقم دينك واحرص على آخرتك كما تحرص على دنياك.
تذكر أن الصلاة من أعظم أعمالك التي تصلك بالله والفرقان بين الإسلام والكفر وأنها أول ما تسأل عنه يوم القيامة فاحرص على أدائها وإن فاتتك أو نمت عنها فاقضها ولا تتركها بالكلية فتكون كافرا وإياك أن تصحب صديقا لا يصلي ومهما أذنبت فلا تتساهل فيها لأنك إن فقدتها فقدت كل دينك وقطعت الحبل بينك وبين الله.
تذكر أن سلوكك طريق الإلحاد وإنكار وجود الله أو رسالته أو شريعته أو سنته الثابتة يخرجك من ملة الإسلام ويجعلك زنديقا منافقا خالدا مخلدا في النار فلا تغتر بعقلك ولا تتكبر بذكائك لأنك مهما أوتيت من القدرات فلن تستطيع فهم حقيقة روحك التي بين جنبيك وأنت تشعر بها فكيف تفهم حقيقة الخالق والكون والقدر وطبيعة الحياة وأمور الغيب وكلما فكرت في الغيبيات ازددت حيرة ونكصت على عقبيك كما احتار الفلاسفة من قبلك ورجعوا إلى حيث بدأوا ولن تستطيع فهم ذلك كله إلا عن طريق الشرع المحكم فأسلم عقلك لله وآمن بقلبك تجد برد اليقين وراحة البال ورضا النفس.
تذكر والديك الذين ربياك وسهرا عليك وأنفقا كل شيء في سبيل سعادتك وكم أصابهما الهم والحزن لأجلك فاحرص على برهما والإحسان إليهما وصلتهما خاصة في الكبر بعد أن أغناك الله واعلم أن الجفاء والعقوق والإساءة لهما من أعظم شيم اللئام فإياك أن تقصر أو تبخل أو تتخلى عنهما واعلم أن برهما مفتاح النجاح والرزق والسعادة وعقوقهما مفتاح الشر والتعاسة والخذلان.
تذكر أن الله حباك طاقة وحيوية وشهوة لحكمة أرادها منك فلا تستعملها في سخط الله من زنا وعلاقات محرمة بالبنات وأفلام إباحية فإن طريق الشهوات يظلم دنياك ويفسد دينك ويمحق شبابك ويتبع ذلك حسرة وندامة في الدنيا والآخرة ولن تجد طعم الراحة والرضا إلا في طريق الحلال فاحرص على أن تستعملها في رضا الله واعلم أن الله يعجب من الشاب الذي ليس له شهوة في الحرام.
تذكر أن بناء علاقة الحب مع البنت الأجنبية التي تحرم عليك كذبة من الشيطان وخلل في العقل وضعف في المروءة ورقة في الدين واعلم أن هذه التجربة فاشلة فلا تضيع عمرك وراء السراب ولا تفسد فطرتك بالسفاسف وكيف تبني حياتك على شبهة وعليك بالطريق الشرعي المباح الذي لا شبهة فيه فئت البيوت من أبوابها وتزوج امرأة عفيفة لم تخاطب الرجال ولم تعرف الحب فحري أن توفق معها وكم إنسان ندم أشد الندم على زواجه بامرأة كانت له علاقة بها سابقة ودخله الشك وأساء الظن بها فأفسد الود بينهما وانتهت القصة بالفراق الأليم.
تذكر أن الله عز وجل شرع الزواج لحكم عظيمة من أهمها إحصان الفرج وإيجاد السكن واستقرار الروح وسعادتها ووالله لن تجد طعم الراحة والأنس والاستقرار في كل نساء الدنيا إلا بالزواج فلا تضيع شبابك في طريق الشيطان ومهما أوتيت من النعيم وتلذذت بالشهوات فستعيش وحيدا إن لم تتزوج وستستوحش حين تكبر ويتفرق عنك الخلان ولن ينفعك الندم حينئذ.
تذكر أن كثرة الأسفار وقطعها في الحرام ضياع لدينك وصحتك وشبابك ومالك واتباع للهوى وخطوات الشيطان فلا تضيع شبابك في الملاهي ولا تسود صحيفتك بالآثام وكم ضاع شاب وخسر دينه في هذه الأسفار فأوصيك أن تقلع عنها واحرص على السفر المباح الخالي من الشهوات على قدر الحاجة.
تذكر أن ارتكاب الذنوب وإدمانها يقسي القلب ويطفئ نور الإيمان ويعزلك عن الطاعة ويحملك على ارتكاب الفواحش والمجاهرة بها ويجعل قلبك ميتا لا يحس بموعظة ولا يتأثر بعبرة فامنع نفسك من كثرة الذنوب وأكثر ممن التوبة والندم وإن حصل منك معصية فتب في الحال واعمل عملا صالحا من صلاة وصدقة وصوم ليطهر ذنبك وتزكو نفسك وتتخلص من الآثام.
تذكر أن شرب الخمر من أعظم الكبائر وهي أم الخبائث ومن شربها في الدنيا ولم يتب منها لم يشربها في الآخرة وشاربها ملعون مذموم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم وهي طريق لكل خصلة سوء وشر وتدعو لكل رذيلة وفجور وشارب الخمر تعلو وجهه قترة وظلمة وشارب الخمر ذليل للشيطان وهو كافر بنعمة العقل وجاحد لها فلا تشربها وابتعد عنها في جميع الأحوال وإن كنت مبتلى بها فأقلع عنها وتب منها قبل أن تحرم منها في الجنة.
تذكر أن الغناء المحرم طريق للزنا ويغذي في قلبك الشهوة المحرمة ويحرك مشاعرك تجاه الحرام فاجتهد من التخلص منها وإن ابتليت بها فاستتر ولا تكثر من سماعها واحرص على سماع القرآن كل يوم وإياك أن تدخل في مجال الفن بأي وسيلة محرمة فتخسر دينك من أجل الشهرة والمال وتسيء سمعة أهلك.
تذكر أن صحبة الفاسقين وأهل المجون والبطالة الذين يداومون على ترك الفرائض وإظهار الفواحش وتعاطي المسكرات تمرض القلب وتفسد الدين وتجعل المرء يعيش في سكرة الهوى لا يكاد يفيق منها إلا بعد ذهاب الشباب وانتهاء العمر وكم من شاب أفسده أقرانه فاقطع صحبتهم ولا تجاملهم على حساب دينك وسمعتك وابحث عن صاحب الخير الذي يذكرك بفعل الخير وينهاك عن الشر ويدلك على ما ينفعك في دينك و دنياك وإن قصر بك عملك فاقبل نصيحة الصالحين وتولهم وأظهر محبتهم ويرجى لك الخير في محبة الخير وأهله وإياك أن تكون حربا على أولياء الله فيخذلك الله ويخزيك.
لا تيأس مهما فعلت من الفسق والفجور وعصيت ربك وتركت شعائر الدين وبلغ الشيطان منك ما بلغ فلا تيأس فإن باب التوبة مفتوح والله يقبل توبة العبد مهما فعل ولو بلغت ذنوبه عنان السماء ويثيب عليها ويغفر له ويستره ويتولاه وينصره فلا تظن أن الباب مغلق والأمر انتهى والفرصة ضاعت بل ما زالت أمامك فرصة عظيمة فأقبل وأبشر وأمل خيرا فالتوفيق والفلاح حليفك.
وبعد فهذه نصائح كتبتها شفقة عليك ومحبة لوصول الخير إليك وحرصا على أن تترك طريق الهوى والشيطان وأرجو أن تنتفع بها وتعمل بما فيها وأسأل الله الإخلاص والسداد فيما كتبت وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.