لو سألت أي متابع عن سر تدهور الكرة السعودية فإن الإجابة المتوقعة هي قلة أو ندرة المواهب هو جواب كافٍ ولكنه ليس شافياً بمعنى أن هناك عدة أسباب تقف خلف إنتاج المواهب الكروية القادرة على تحقيق ما هو مأمول ومنتظر من دولة لها اسمها كرويًا .
• يأتي في مقدمة الأسباب ببساطة أننا دخلنا إلى عالم الاحتراف ونحن لا نملك الأدوات التي تساعدنا في إنتاج كرة قدم متطورة تضاهي ما هو موجود في محيطنا العربي والإقليمي على أقل تقدير.
• الاحتراف هو عملية تكاملية تعتمد على تصدير واستيراد العنصر الأهم في اللعبة وهم اللاعبون ويمكن الاكتفاء بالتصدير فقط لغرض تنمية وصقل المواهب في دوريات أخرى أما اللجوء إلى الاستيراد فقط فهو قمة الفشل في تحقيق احتراف حقيقي لأن جلب اللاعب الأجنبي سيأتي على حساب اللاعب المحلي مما يفقد الأخير فرصة إثبات الذات وتطوير القدرات علاوة على هدر الملايين على محترفين أجانب ليس لهم القدرة على صنع الإضافة والأفضل من ذلك كان الواجب تسخير هذه الملايين في الصرف على تنمية المواهب وتجهيز البنية التحتية واستقدام خبرات تدريبية أجنبية تملك الفكر.
• في لبنان وسوريا والأردن وعمان هناك تصدير دون استيراد وهذه الدول كنماذج شهدت تطورا ملحوظا في مستواها مقارنة بكرتنا السعودية .
• في كوريا واليابان وإيران وأوزبكستان نلاحظ تطبيقاً حقيقاً للاحتراف يعتمد على الاستيراد والتصدير وهم أيضًا يتقدمون علينا كرويًا في السنوات الأخيرة .
• يأتي كثاني الأسباب أننا أوهمنا أنفسنا بأن لدينا احترافاً عندما رفعنا بشكل جنوني أسعار اللاعبين المحليين وبعقود خيالية لا تتناسب مع إمكانياتهم.
• سنظل ندور في حلقة مفرغة سنوات وسنوات وسنعجزعن بناء منتخب يضاهي منتخبات 94 و98 إلى 2007 ما لم نعيد النظر في اختيارنا احترافاً غير مستعدين إطلاقًا على تطبيقه .
• ولنبدأ حركة تصحيح بحق تقودنا إلى نوعية الاحتراف المناسب لكرتنا ولتكن البداية بالتفكير الجدي في إلغاء أو تقليص الاستعانة باللاعب الأجنبي مع وضع إستراتيجية تدعم احتراف اللاعب السعودي خارجيًا حتى لو كان ذلك بلا مقابل وتحميل فاتورة احترافه لاتحاد اللعبة وذلك على نهج ما قام به الاتحاد الياباني في فترة سابقة ، ثم تأتي الخطوة التالية والممثلة في وضع حد أدنى وأعلى لعقود اللاعبين المحليين مع إعطاء الأندية حرية الاحتفاظ بنجومها وعدم التفريط فيهم إلا بعد مرور 10 سنوات خدمة في الفريق الأول ومثل هذا الإجراء سيقضي تمامًا على سوق المزايدات الموجودة حاليًا.
• المشكلة ليست في اتحاد اللعبة أو اللجان أو آليات العمل أو نظام وتنظيم المسابقات ولا في الإعلام أو العزوف الجماهيري أو الإمكانيات فاهتمامنا بكرة القدم كبير والشغف الجماهيري لا حدود له واهتمام ودعم الدولة يفوق بمراحل الموجود في دول تتقدمنا الآن.. إذا نحن في أمس الحاجة إلى التخلي عن الوهم والمكابرة والعودة سريعًا إلى اعتماد السياسة التي تحقق أهدافنا المنشودة فالوضع الحالي لا يسر ولن نندهش عندما نردد باي باي برازيل بعد أن تجرعنا مرارة باي باي لندن .