سيطرت فرق الأندلس على الساحة الكروية في أسبانيا عام 1935 وفاز بيتيس ببطولة الدوري، وفاز جاره اشبيلية ببطولة الكأس، إلا أن فرحة الأندلس لم تدم طويلا حيث اندلعت الحرب الأهلية في العام التالي وحينما عادت البطولة للانطلاق مجددا في عام 1939 كان معظم لاعبي بيتيس في المنفى· وخيمت الأجواء السياسية القاتمة على موسم 1935-1936 ، وأقيمت المباراة النهائية في بطولة الكأس قبل شهر واحد من اندلاع الحرب الأهلية، وحل ريال مدريد وصيفاً للبطل اتليتكو بيلباو ، و في عام 1937 شهد نهائي الكأس بين ريال مدريد وبرشلونة، والذي أقيم في خضم الحرب الأهلية أحداثا مؤسفة حيث تعرض حارس الريال زامورا وحارس برشلونة الأسبق إلى الاعتداء عليه بزجاجة قبل بداية المباراة، كما ظلت الجماهير في استاد فالينسيا تردد الهتافات المعادية ضده· وعلى الرغم من هذه الأجواء المشحونه بالتوتر والعداء السافر نجح ريال مدريد في إحراز هدفي السبق بتوقيع يوجين وليكو في الدقائق العشر الأولى من عمر المباراة، وتمكن اسكولا من تذليل الفارق لبرشلونة بهدف ، وفي الشوط الثاني نجح دفاع ريال مدريد في الصمود في وجه الهجمات المتتالية من الفريق الكتلوني، وقبل ثلاث دقائق من صافرة النهاية أنقذ زامورا بأعجوبة هدفا محققا وهي نسخة أصلية من رأسية بيليه التي أنقذها الحارس الإنجليزي بانكس في نهائيات كأس العالم 1966 في ويمبلي، ودخلت تلك اللقطة الفريدة سجلات تاريخ كرة القدم الأسبانية .
بعد ذلك ببضعة أشهر تعرض زامورا للاعتقال من قبل إحدى الفصائل المتحاربة الذين احتجزوه في أحد السجون، ولكنه نجح في كسب تعاطفهم وشارك معهم في عدة مباريات تضمنت مراهنات وتحديات حول مدى مقدرته في صد ضربات الجزاء ، وبعد أن اكتسب ثقتهم تمكن من الهروب خلسة في جنح الليل وتم تهريبه عبر الحدود إلى فرنسا حيث التحق بزميله ساميتير في صفوف فريق نيس وساهما في احتلال الفريق مركز الوصيف في الدوري الفرنسي عام ·1937 في غضون ذلك راجت شائعات قوية حول مصرع زامورا وأنه عثر عليه وهو مضرج بالدماء وقد اخترق الرصاص جسده، وأثار ذلك صدمة عنيفة في الوسط الرياضي الأسباني ونسجت حولها الكثير من الروايات والمبالغات التي تصلح لأن تنتج في فيلم سينمائي .
وبعد استئناف الدوري مجددا تولى زامورا تدريب فريق اتليتكو افياسيون الذي أصبح فيما بعد اتليتكو مدريد، والذي كان يزخر باللاعبين الكبار من أفراد القوات الجوية والجيش والذي فاز بأول بطولتي دوري في فترة ما بعد الحرب الأهلية.
انهيار ريال مدريد
وسط دوامة الحرب الأهلية وسقوط الضحايا وهجرة اللاعبين ضاعت أحلام الريال وتطلعاته في زعامة الكرة أدراج الرياح بعد أن كان قد استعاد عافيته وضم أبرز لاعبي الكرة في أسبانيا ولكن تأتي الحرب بما لا تشتهي جماهير الأبيض، وبدأ الفريق يلملم أطرافه وتم ترميم الإستاد بالجهد الشعبي لاستئناف التمارين واحتل المركز الرابع في أول بطولة دوري بعد الحرب بفارق أربع نقاط عن البطل افياسيون، كما احتل برشلونة المركز الرابع قبل الأخير بعد أن فقد أفضل لاعبيه إما بالانتقال أو لمصرعهم خلال الحرب· أما اشبيلية فقد حل وصيفا وفاز ببطولة الكأس بعد فوزه في النهائي على راسينج فيرول، بينما جاء اتليتكو بيلباو في المركز الثالث· وواصل الريال نتائجه المخيبة للآمال في العام التالي وحل سادسا وتم إقالة المدرب باكو برو، وقال برو في معرض تعليقه على رحيله أنه يغادر وهو مرفوع الرأس ويفتخر بأنه طيلة فترة تدريبه للفريق على مدى ثماني سنوات لم يتم طرد أي لاعب على الإطلاق .
وعلى أي حال فقد كانت تلك الفترة الأسوأ في تاريخ ريال مدريد والتي لم يحقق فيها أي إنجاز سوى الفوز ببطولة الكأس في عامي 1946 و1947 وإعادة بناء إستاد شيرماتين .
فوز تاريخي على البرثا
و بدأ فريق افياسيون يفقد بريقه ويتلاشى تدريجيا، وبنهاية عام 1942 حل ثالثا في بطولة الدوري التي ارتفع عدد الفرق فيها إلى 14 وفاز بها فالنسيا الصاعد بقوة نحو القمة واحتل ريال مدريد مركز الوصيف وواصله برشلونة نتائجه المتواضعة واحتل المركز الثالث قبل الأخير ولكنه مع ذلك سجل مفاجأة مدوية بفوزه ببطولة الكأس بعد فوزه على اتليتكو بيلباو 4/·3 وفي العام التالي احتل افياسيون وريال مدريد المركزين الثامن والعاشرعلى التوالي· وشاء القدر أن يلتقي ريال مدريد وبرشلونة في نصف نهائي الكأس في العام نفسه وخسر الريال 3/1 في مباراة الذهاب خارج ملعبه ولكنه عاد ليسحق برشلونة في هزيمة تاريخية بنتيجة 11/1 في شارماتين لا يزال صداها يتردد حتى الآن في المشاحنات بين جمهوري الناديين وبعد أكثر من 60 عاما على ذلك يمكنك الآن شراء مناديل في استاد برنابيو وقد كتبت عليها نتيجة تلك المباراة الشهيرة· إلا أن فرحة الريال لم تكتمل حيث خسر النهائي أمام اتليتكو بلباو بهدف يتيم، وجرت المباراة في ملعب ميتروبوليتان في العاصمة مدريد وزعمت بعض التقارير الصحفية أن شخصا مجهول الهوية غافل الحراس ودخل الإستاد خلسة وأغرقه في بركة من المياه مما ساهم في فوز الفريق الباسكي الذي تعود لاعبوه اللعب في الملاعب المبتلة بسبب غزارة الأمطار في منطقتهم على حد قولهم .