لن أتكلم عن المرحلة التي أُعدّ بها منتخب سوريا الوطني، ولا عن الطريقة التي تدار بها كرة القدم في البلاد، بل عن مباراة الأردن التي لم يستطع بها الأحمر التوازن خلال 90 دقيقة بين كافة المهمات الموكلة للاعبين في التماسك والانضباط والقدرة على التعامل مع ظروف المباريات الحاسمة.
سبحان الله خطأ دفاعي واحد يصبح الخصم مركزا ومنضبطا وروحه قتالية...، لكن بالفعل التَقَدم بهدف يعطي دافعا لأقدام اللاعبين كي تكون أكثر ثباتا وتمريراتهم أكثر دقة واندفاعهم أقوى، هذا ما حدث بعد أن سجّل المنتخب السوري هدفه الأول في مباراة الأردن التي خسرها بهدف لهدفين وخرج من الدور الأول من بطولة كأس آسيا.
لنعد إلى اللحظة التي دخل بها الفريقان اللقاء... حماس سوري وانتشاررائع وضغط مبكر، هذا الحماس ولّد تركيز وإبداع لدرجة أن لاعبي الوسط أصبحوا يمررون بالكعب ويتبادلون المراكز بانسيابية تامة بعد الهدف الذي جاء نتيجة معزوفة قصيرة رائعة (لونغا) أنهاها الزينو بأول هدف آسيوي له.
دقائق قليلة... زاد الملاكم السوري من ضرباته على خصمه ولو أن المهاجمون يلعبون برؤوسهم (لا بأكتافهم)، ولو أنهم لا يسددون الهواء... لسجلوا أكثر من هدف لكن كيف ذلك ونحن لا نرى أهداف رأسية إلا ما ندر في البطولات المحلية.
بعد الهدف بدأ الزخم بالانخفاض تدريجياً في الميزان الحراري السوري... بدأ التوازن القلق... إلى أن جاء الهدف السوري - الأردني معيداً الأمور إلى نصابها الأول وليوجه ضربة قوية جداً لخطط تيتا، ولمعنويات لاعبينا وثقتهم بأنفسهم خصوصا بالطريقة التي دخل بها الهدف، والتي باتت معروفة للجميع (سوء تواصل بين قلب الدفاع وحارس المرمى).
كَبَرَت بقعة الزيت في ثوب الدفاع السوري وكاد الطائر الحُر حسن عبد الفتاح أن يوجه ضربة أقوى عندما انفرد من جهة اليمين لكنه رمى بالكرة بعيداً عن الهدف، وتَرَك البلحوس والدفاع في حيرة جديدة كأنهما يلعبان للمرة الأولى مع بعضهما البعض.
في الشوط الثاني دخل الفريق السوري بانفعالات جديدة لكن التعادل الذي يؤهل خصمه كان جاثماً على الصدور، فَفَقَدَ اللاعبون السيطرة والإحكام والتنظيم ولم يحضروا الهجمات بشكل جيد، وبدأت عيوب النزف البدني تتوضح، طبعا الخصم موجود ليستغل كل ذلك وبدأ الأردنيون أولا بأولية استغلال "توهان" الدفاع السوري وأصرّ عامر شفيع أن يكون لديه عَمَل هجومي يضيفهُ لأعماله الجبارة بالذوذ عن مرماه، فمرر حارس الوحدات كرة حاسمة لعدي صيفي الذي لم يتكلف أكثر من وضع قدم له بين الحارس المتأخر بالتقدم بأقل من جزء من الثانية والمدافع الذي انشغل بالوقوف أمام المهاجم أكثر من اللحاق بالكرة لتمر المجنونة إلى الشباك. وسط اندهاش من الجميع حتى الأردنيون أنفسهم.
نصف ساعة كاملة بقي للحاق بالدور الثاني بالنسبة للمنتخب لكنها ماذا تعني لفريق أضاع هويته... وبدأ بإرسال الكرات الطويلة والركض بيأس نحو مرمى مغلق بإحكام ومُدافع عنه بدروع بشرية وتكتيكية ممتازة...
لتنتهي المغامرة.
بقع زيت
الفوز على السعودية بكرتين غيّرت أقدام المدافعين مسارهما غطى الكثير من العيوب الفنية وضعف التحضير الذهني للمنتخب السوري.
الخط الخلفي كان أحد أهم الدعائم التي اعتمد عليها المنتخب منذ أكثر من خمس سنوات وبهؤلاء اللاعبين بالتحديد لكن في هذا اللقاء كان خط الدفاع أضعف من كل الخطوط وبدا التجانس معدوما مع الحارس في كرات الأهداف وفي كرات أخرى لم تدخل المرمى.
لاعب يسدد في الهواء وآخر يسدد رأسيه بكتفه مشاهد تكررت في منتخبنا وهي بحاجة فعلاً لدراسة.
خرج منتخبنا أيضا بإيجابيات عديدة من هذه البطولة أهمها
أنه قادر على مقارعة كبار القارة.
يملك اللاعبون ثقافة الفوز وفنيا لا تنقصهم الكفاءة ليذهبوا بعيدا في البطولات القارية.
الأداء الجيد والقتال والخروج برأس مرفوع عناوين للمنتخبات المتواضعة فإذا كان إعلامنا الرياضي يعتبر منتخبنا من هذا المستوى فليهلل لذلك.
هامش هادئ
-إن رفع الحالة المعنوية أمر مهم لمنتخب محضّر لكنه لا يعوض أي تخبط إداري أو فني، ولا يقف لصد الكرات مع حارس المرمى لا بل أحيانا يتحول إلى ضغط يساهم بتشتيت تركيز اللاعبون وأعتقد أن ذلك حدث في لقاء الأردن.
-ليس مصعب ولا علي دياب ولا تيتا يتحمل هذا الخروج، هناك أسباب تؤدي بنا دائما لنخرج من الدور الأول في كأس أسيا من الناشئين إلى الرجال ويجب أن يحاسب كل مقصر على ذلك.
-لم يكن هناك أي تمثيل... باركنا لعمّان من كل قلوبنا الشآمية، لكن قلوبنا فيها قيح شديد من الزعل على فرصة كنا قريبين منها وعلى مسؤوليين رياضيين لا يرون الخطأ.