دعاء الراوي
رسالة من السويد
كان من الوافدين حديثا إلى إحدى البلدان الأوربية والنشاط الاجتماعي الوحيد الذي يمارسه هو مدرسة تعليم اللغة للاجئين. مدرّسة اللغة امرأة تبلغ الستين سنة من العمر تقريبا..
امرأة بسيطة وتتعامل بلطف مع الطلاب وتحاول أن تتفهمهم وتساندهم وتتكلم معهم في مختلف جوانب الحياة.
بدأ يتكلم معها عن اختلاف الطباع والتقاليد والأعراف الاجتماعية بين البلد الذي قدم منه وهذا البلد الذي يتواجد فيه الآن والمرأة عندها معلومات لا بأس بها عن ذلك أيضا بحكم مهنتها وتعاملها طويل الأمد مع الوافدين من مختلف بلدان العالم وخاصة البلدان الشرقية.
وبدأ الحديث أيضا يدور حول فلك الأديان والاختلافات بين الدين الإسلامي والدين المسيحي وعن عقيدة الألوهية وعن النبوات وخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم وشمائله المعجزة وعن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومبادئه الأساسية وغير ذلك من أمور أساسية مهمة وجوهرية في الحياة.
كل هذا الحوار والنقاش كان يتم بمشقة بالغة جداً من الطرفين فالرجل كان يحاول ذلك بلغة بدائية جداً كونه غير متمكن من تلك اللغة لوفوده حديثاً إلى البلد والمرأة تبذل الجهد الكبير في محاولة الفهم ومساعدة الرجل في إتمام الحوار وإيصال المعنى المراد على صعوبته ودقته.
استغرق ذلك بعضا من الوقت، وكانت نتيجته المذهلة أن المرأة تأثرت كثيراً، واستطاعت أن تفهم أن هذا الرجل يطرح معاني ومفاهيم مهمة جداً لم تسمع بها من قبل، بل أن هذا الكلام استطاع أن يهز وجدانها وأثار عندها الرغبة والفضول الكبيرين في الاستمرار بالحوار ومعرفة المزيد عن هذه المعاني المدهشة التي اخترقت سمعها وتغلغلت في أعماق فكرها وقلبها وباقي جوارحها!!.
كانت هذه المرأة تعيش في مدينة كبيرة تعتبر مركزا لإحدى المقاطعات المهمة في هذا البلد، وكان عملها كمدرسة لغة للوافدين حديثا في مدينة صغيرة تبعد عن مدينتها قرابة مائة كيلومتر هو عمل مؤقت.
وفي إحدى الأيام قررت المرأة بعد سؤال واستفسار أن تذهب إلى المسجد الصغير الموجود في مدينتها في إحدى الأحياء التي يكثر فيها السكان ذات الأصول الشرقية.
والتقت هناك بإمام المسجد فقالت له أنها التقت بأحد الوافدين حديثا إلى البلد وتكلم معها عن الله سبحانه والرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن وتعاليم الدين الإسلامي فسمعت منه كلاماً عجيباً جداً لم تسمعه من قبل أذهلها وهز كيانها وأثار عندها الفضول لتعرف أكثر عن هذه المعاني الإيمانية وهذا الدين العظيم!!، كونها لم تفهم تماما من ذلك الرجل الطالب في مدرسة اللغة بسبب عائق اللغة بينهما .
لا نعرف بالضبط طبيعة الحوار الذي دار بينها وبين إمام المسجد، وهل كان حواراً واحداً أم من خلال لقاءات متكررة؛ لكن الذي نعرفه يقينا أن المرأة قد نطقت الشهادة ودخلت دين الإسلام العظيم ولبست غطاء الرأس والملابس الطويلة الساترة للجسد، ثم انتهى عملها في البلدة الصغيرة وعادت إلى مدينتها!!.
انتهت القصة التي أرويها لكم لكن القصة الحقيقية للحياة لم تنتهي بعد فهنالك الدنيا والقبر والحساب والآخرة؛ وذهب أبطال القصة كل إلى شأنه في هذه الحياة الدنيا وكلٌّ سيقدم على ملك الملوك ليجزيه عمله.. لكن العبر والمعاني بقيت في عقل وقلب الراوي وأمسى يدعو الله كلما تذكر القصة أو أحد أبطالها أن يرزقه النطق الحقيقي للشهادة بالعقل والقلب والجوارح واللسان، وأن يرزقه حجاباً مادياً ومعنوياً يحجبه عن المعاصي والغفلات التافهة الغبية المعطلة، وأن يثبت أبطال القصة للخير والإيمان والنور والسرور والطيور وجميع المسلمين الطيبين.
عماد البياتي
13.06.2009
vshgm lk hgs,d]