عاش أمام ريال مدريد ليلة تتويجه ، لكن
مانويل نيوير تفاعل بهدوء من يعرف تقلبات الحظ: فقبل أقل من
عام ، كان حارس مرمى بايرن ميونيخ يمر بأصعب لحظة في مشواره. وكانت ألقاب "عملاق" و"خالد" و"بطل" من بين الأوصاف التي أسبغتها الصحافة على الدور الذي لعبه أحد أفضل حراس المرمى في العالم ، الذي بدأ رحلة حج إلى ميونيخ قبل 299 يوما ، كي يتجاوز فريقه الدور قبل النهائي لبطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
وقال نيوير مطلع يونيو 2001 لدى إعلانه الرحيل عن شالكه "اللعب في بايرن ميونيخ يثير تطلعات كبيرة في نفسي . أود إحراز العديد من الألقاب". لكن دموعه كانت تقول إن الأمور لا تمضي تماما على نحو جيد.
كان نيوير قد بدأ مشواره مراهقا في شالكه ، نادي مدينة جيلسينكيرشن مسقط رأسه. وبمرور السنوات تحول إلى واجهة للنادي الذي بات أشبه بمنزل بالنسبة له ، وبدأ يضم إلى صفوفه نجوما آخرين مثل الأسباني راؤول أو الهولندي كلاس يان هونتيلار.
لكن في طريقه لبلوغ السادسة والعشرين ، ومع تحوله إلى أحد نجوم المنتخب الألماني ، وجد الحارس نفسه مضطرا للتخلي عن تلك المكانة بحثا عن المزيد. لذلك انضم إلى بايرن ميونيخ مقابل 25 مليون يورو بعقد يمتد من الأول من يوليو 2011 إلى 2016 .
ولم تتفهم جماهير النادي البافاري ، كثيرة المطالب ، سبب ارتفاع المقابل المادي لضم حارس مرمى مرتبط بهذا القدر بناد آخر ، وحولت ذلك التساؤل إلى رد فعل عملي برفع آلاف اللافتات التي كتبت عليها "لا لنيوير" في مبارياته الأولى. لكن بعد وقت قصير ، وجدت نفسها مضطرة إلى الذهاب إلى الاستادات من دونها.
ولم يتأخر الوقت بالحارس الأشقر العملاق ، الذي يبلغ طوله 93ر1 مترا ووزنه 90 كيلوجراما ، لإثبات قوته في حراسة المرمى ، وفي مطلع أكتوبر تمكن من بلوغ إنجاز تاريخي: 1018 دقيقة على التوالي دون تلقي أي هدف في المباريات الرسمية ، ليتفوق على الرقم القياسي المسجل داخل القلعة البافارية باسم الأسطورة المعتزل أوليفر كان.
وتزداد قيمة الإنجاز بالنظر إلى أن دفاع بايرن يعد هو أضعف خطوط الفريق حاليا. وسبق أن أظهر نيوير إمكانياته كبطل قبل نحو الشهر ، عندما قاد بايرن إلى نهائي بطولة كأس ألمانيا بفضل تألقه في ضربات الترجيح أمام بوروسيا مونشنجلادباخ.
لكن التتويج النهائي لم يكن ليتأتى أمام منافس أقل من العملاق ريال مدريد ونجمه الكبير كريستيانو رونالدو: تصدى نيوير لضربة جزاء من البرتغالي ، وبعدها أخرى للبرازيلي كاكا ، ليجعل من بايرن ميونيخ أول فريق في التاريخ يخوض نهائي دوري الأبطال على ملعبه.
واحتفل أولي هوينيس رئيس بايرن ميونيخ بإنجاز فريقه قائلا "أتمنى أن يكون آخر المشككين في ميونيخ قد استوعبوا الآن سبب قيامنابضم
مانويل نيوير".
وتحدث المدير الفني للمنتخب الألماني يواخيم لوف بلهجة تتضمن قدرا من التبجيل ، عن قدرات حارس يضعه بعض الخبراء على قدم المساواة مع حارس ريال مدريد إيكر كاسياس ، كأفضل من يشغلان هذا المركز على مستوى العالم.
وقال مدرب منتخب "الماكينات": "إنه رائع بشكل كبير. يتألق كثيرا في المرمى ، وخاصة في ضربات الترجيح. المرء ينتابه إحساس بأن المرمى أصغر. لقد تحول إلى عملاق. كان مبهرا في تصديه لضربة رونالدو ، فقد كانت مصوبة بشكل جيد للغاية".
وفيما يتعلق بالضربة التي تصدى لها من كاكا ، يؤكد نيوير نفسه أن إحساسا بعدم الخوف من جماهير سانتياجو برنابيو قد انتابه: "كنت في غاية التركيز ، كما لو كنت في عالم آخر".
وبدور البطولة الذي لعبه عاد لتقليد كان ، الذي تصدى قبل 11 عاما لثلاث ضربات جزاء في نهائي دوري الأبطال أمام فالنسيا. لكن على عكس الحارس المعتزل المنفعل دوما ، احتفظ نيوير بهدوئه عقب المباراة.
وقال "إننا جميعا نعمل بجد من أجل تحقيق هذا الإنجاز. كلنا أبطال". فلاعب الكرة الأشهر في ألمانيا في الوقت الحالي ، يعرف -عن خبرة- أن المجد زائل ، مثله مثل الألم.
م ص د ر